سورة المدثر - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المدثر)


        


{ما سلككم في سقر} قيل وهذا يقوي قول من قال إن أصحاب اليمين هم الأطفال لأنهم لم يعرفوا الذنوب التي توجب النّار، وقيل معناه يسأل بعضهم بعضاً عن المجرمين، فعلى هذا التفسير يكون معنى ما سلككم، أيّ يقول المسؤولون للسّائلين قلنا للمجرمين ما سلككم، أي أدخلكم وقيل ما حبسكم في سقر، وهذا سؤال توبيخ وتقريع {قالوا} مجيبين لهم {لم نك من المصلين} أي لله في الدّنيا {ولم نك نطعم المسكين} أي لم نتصدق عليه {وكنا نخوض مع الخائضين} أي في الباطل {وكنا نكذب بيوم الدين} أي بيوم الجزاء على الأعمال وهو يوم القيامة {حتى أتانا اليقين} يعني الموت قال الله تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشّافعين} قال ابن مسعود: تشفع الملائكة والنّبيون والشهداء والصالحون وجميع المؤمنين فلا يبقى في النار إلا أربعة ثم تلا {قالوا لم نك من المصلين} الآية، وقال عمران بن حصين: الشّفاعة نافعة لكل أحد دون هؤلاء الذين تسمعون. روى البغوي بسنده عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يصف أهل النار فيعذبون قال فيمر بهم الرجل من أهل الجنة، فيقول للرجل منهم يا فلان فيقول ما تريد فيقول أما تذكر رجلاً سقاك شربة يوم كذا وكذا قال؛ فيقول وإنك لأنت هو فيقول نعم فيشفع له فيشفع فيه قال، ثم يمر بهم الرجل من أهل الجنة فيقول يا فلان فيقول ما تريد فيقول أما تذكر رجلاً وهب لك وضوءاً يوم كذا وكذا، فيقول وإنك لأنت هو فيقول نعم فيشفع له فيشفع فيه» {فما لهم عن التذكرة معرضين} أيّ عن مواعظ القرآن {كأنهم حمر} جمع حمار {مستنفرة} قرئ بالكسر أي نافرة وقرئ بالفتح أي منفرة مذعورة محمولة على النفار {فرت من قسورة} قيل القسورة جماعة الرّماة لا واحد له من لفظه، وهي رواية عن ابن عباس وعنه أنها القناص وعنه قال: هي حبال الصيادين، وقيل معناه فرت من رجال أقوياء وكل ضخم شديد عند العرب قسورة وقسور وقيل القسورة لغط القوم وأصواتهم وقيل القسورة شدة سواد ظلمة اللّيل وقال أبو هريرة: هي الأسد وذلك لأن الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت فكذلك هؤلاء المشركون إذا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن هربوا منه شبههم بالحمر في البلادة والبله، وذلك أنه لا يرى مثل نفار حمر الوحش إذا خافت من شيء.


{بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفاً منشرة} قال المفسرون إن كفار قريش قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله أنك رسوله نؤمر فيه باتباعك، وقيل إن المشركين قالوا يا محمد بلغنا أن الرجل من بني إسرائيل كان يصبح، وعند رأسه ذنبه وكفارته فأتنا بمثل ذلك {كلا} أي لا يؤتون الصحف وهو ردع لهم عن هذه الاقتراحات {بل لا يخافون الآخرة} أي لا يخافون عذاب الآخرة والمعنى أنهم لو خافوا النّار لما اقترحوا هذه الآيات بعد قيام الأدلة، لأنه لما حصلت المعجزات الكثيرة كفت في الدّلالة على صحة النّبوة فطلب الزّيادة يكون من باب التعنت {كلا} أي حقاً {إنه تذكرة} يعني إنه عظة عظيمة {فمن شاء ذكره} أي اتعظ به فإنما يعود نفع ذلك عليه {وما يذكرون إلا أن يشاء الله} أي إلا أن يشاء الله لهم الهدى فيتذكروا ويتعظوا {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} أي هو حقيق بأن يتقيه عباده ويخافوا عقابه فيؤمنوا به ويطيعوه، وهو حقيق بأن يغفر لهم ما سلف من كفرهم وذنوبهم وقيل هو أهل أن تتقى محارمه، وأهل أن يغفر لمن اتقاه عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية: «هو أهل التّقوى وأهل المغفرة قال الله تبارك، وتعالى أنا أهل أن أتقى فمن اتقاني فلم يجعل معي إلهاً فأنا أهل أن أغفر له» أخرجه التّرمذي، وقال حديث غريب وفي إسناده سهيل بن عبد الله القطيعي وليس بالقوي في الحديث وقد تفرد به عن ثابت، والله تعالى أعلم بمراده.

1 | 2 | 3